responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 182
[سورة الأعراف (7): آية 26]
يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)
فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ) قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: هَذِهِ الْآيَةُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ، لِأَنَّهُ قَالَ:" يُوارِي سَوْآتِكُمْ". وَقَالَ قَوْمٌ إِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ، بَلْ فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى الْإِنْعَامِ فَقَطْ. قُلْتُ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَمِنْ جُمْلَةِ الْإِنْعَامِ سَتْرُ الْعَوْرَةِ، فَبَيَّنَ أَنَّهُ (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى [1]) جَعَلَ لِذُرِّيَّتِهِ مَا يَسْتُرُونَ بِهِ عَوْرَاتِهِمْ، وَدَلَّ عَلَى الْأَمْرِ بِالسَّتْرِ. وَلَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ فِي وُجُوبِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَوْرَةِ مَا هِيَ؟ فَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: هِيَ مِنَ الرَّجُلِ الْفَرْجُ نَفْسُهُ، الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ دُونَ غَيْرِهِمَا. وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ وَابْنِ أَبِي عَبْلَةَ [2] وَالطَّبَرِيِّ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:" لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ"،" بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما"،" لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما". وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ:" فَأَجْرَى [3] رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زُقَاقِ خَيْبَرَ- وَفِيهِ- ثُمَّ حَسِرَ [4] الْإِزَارُ عَنْ فَخِذِهِ حَتَّى إِنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ فَخِذِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". وَقَالَ مَالِكٌ: السُّرَّةُ لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ، وَأَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَكْشِفَ فَخِذَهُ بِحَضْرَةِ زَوْجَتِهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الرُّكْبَةُ عَوْرَةٌ. وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَتِ السُّرَّةُ وَلَا الرُّكْبَتَانِ مِنَ الْعَوْرَةِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَحَكَى أَبُو حَامِدٍ التِّرْمِذِيُّ أَنَّ لِلشَّافِعِيِّ فِي السُّرَّةِ قَوْلَيْنِ. وَحُجَّةُ مَالِكٍ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِجَرْهَدٍ: (غَطِّ فَخِذكَ فَإِنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ). خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا وَقَالَ: حَدِيثُ أَنَسٍ أَسْنَدُ [5]، وَحَدِيثُ جَرْهَدٍ أَحْوَطُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ اختلافهم. وحديث جرهد هذا

[1] من ع.
[2] في وز: وابن عطية.
[3] أي أجرى دابته.
[4] أي أقوى وأحسن سندا من حديث جرهد.
[5] أي أقوى وأحسن سندا من حديث جرهد
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 182
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست